أنصار الله .. ضربة معلم واقتناص التوقيت القاتل

الأحقاف نيوز / خاص
كتب عدنان باوزير

بالعودة الى ضربات الأنصار بالمسيرات والصواريخ الباليستية وغيرها بإتجاه الأراضي المحتلة في فلسطين نصرة لغزة ، فقد تأكد بما لا يدع مجالاً للشك ليس حصولها فحسب بل ووصولها بدليل ، التقارير الإعلامية الموثقة من جهات مختلفة لا تمت للأنصار بأي صلة ، حول اعتراض بعضها سوى في البحر من بارجة بحرية أمريكية ، وفي الأجواء السعودية وحتى الأردنية وفي إسرائيل ذاتها .
إذن المسيرات والصواريخ اليمنية تصل الى أهدافها أو على الأقل معظمها ولا ينكر ذلك غير المستحمرين وما عاد هذا الموضوع يحتمل أي نقاش .
بل وصرنا نرى بالصور ومقاطع الفيديو توثيق تلك الضربات من (إسرائيل) عبر مختلف وسائل الإعلام ، وآخرها الليلة وتحديداً قبل حوالي ساعة حيث ضُربت إيلات والتي أصبح ضربها حدث مألوف .
والسؤال ليس هنا ، السؤال المطروح هو ما مدى تأثيرها على كيان العدو ، ولماذا وبعد ليس أقل من خمس ضربات لم ترد إسرائيل المعروفة بعدم تهاونها مع هكذا استهدافات فهي دولة تقوم أساساً على فرض هيبتها وإذا ما اهتزت هذه الهيبة سقطت إسرائيل ، ولماذا لم ترد عرابتها ذات اليد الطولى أمريكا والمتواجد في أكثر من مكان قريب في البر والبحر ؟؟
أولاً من حيث حجم تأثير تلك الضربات بالإضافة طبعاً الى ضررها المعنوي المدمر على العدو ، فلا أحد يعلم بدقة وإسرائيل متكتمة على هكذا معلومات ولا يُتوقع منها أن تكشف حجم الأضرار ، وسنفترض هنا أقل الاحتمالات ونأخذ بكلام أكثر المشككين والمقللين من قيمتها ، وأنها ليست سوى ضربات رمزية !!
حسناً سنفترض جدلاً مؤتاً أن لا تعدو عن ضربات رمزية ، أتدري ماذا تسبب هذه الضربات الرمزية لدولة مثل إسرائيل ؟ وتحديداً لمدينة مثل إيلات ؟؟
علاوة على الأثر المعنوي الخطير على العدو بحكم طبيعة الكيان المعقدة ، هناك أضرار اقتصادية كبيرة ، فإيلات تحتل مكانة كبيرة كونها وجهة سياحية مهمة بحكم سواحلها على البحر الأحمر وتحديداً الآن مع قدوم الشتاء ، أضافة الى أهميتها التجارية كمركز تجاري ومالي مهم ، والسياحة والتجارة كما يعرف الجميع تُصاب في مقتل بفعل هكذا ضربات حتى لو كانت رمزية الرمزية ، ناهيك عن أهميتها الإدارية والاجتماعية حالياً حيث نزح اليها أغلب سكان مستوطنات غزة وكذلك سكان مستوطنات الشمال ، الذين أجلوا من مساكنهم بسبب العدوان على غزة ومخاوف من دخول حزب الله شمالاً ، كونها وجهة آمنة بعيدة عن أجواء ومخاوف الحرب ، فجاءت هذه الضربات اليمنية لتنسف هذه الميزة من أساسها ، ويا هارب من الموت الى حضرموت .
ولكن السؤال الأهم : لماذا بلعت إسرائيل بكل غطرستها – حتى الآن- هذه الضربات ولماذا لم ترد أمريكا ؟؟
أعتقد أن التوقيت هذا الذي أختاره الأنصار توقيت موفق للغاية ، وتتحاشى إسرائيل وامريكا الرد لأسباب كثيرة أهمها هاذان السببان :
أولاً كيان العدو ومعه أمريكا يستميتان في حصر هذه الحرب على غزة فقط وتجنب توسع نطاق الصراع لخطورة ذلك على كيان العدو وعلى نفوذ أمريكا بالمنطقة ، وأي ضربة لليمن سوف مهما كانت ستعني توسع الصراع وهذا ما لا يريدانه وتحديداً الآن .
ثانياً : أي استهداف لليمن من أحدهما سوف يدفع أنصار الله للرد ، وما هو مجال الرد الأقرب والأسهل ؟ هو ممر الملاحة الدولية في باب المندب وتحديداً استهداف قطع وسفن أمريكا وإسرائيل وهي متواجدة وبوفرة بالجوار ، مما سيشكل هذا تهديد لحركة الملاحة وهذا آخر كابوس تفكر فيه أمريكا وإسرائيل التي ستصاب بأكثر من نصف اختناق .
ناهيك عن وقوع القواعد والمصالح الامريكية في الجوار وما سيشكله ذلك من تهديد مباشر لمنابع النفط قصداً او عرضياً نتيجة حالة الصراع ، وهذا رد مكفول ومشروع للأنصار كدفاع عن النفس ، وهذا ايضاً كابوس آخر لأمريكا وحلفائها بالمنطقة ، وسيترتب عليه اضطراب في أسعار وأسواق النفط العالمي وهنا تكمن نقطة ضعف أمريكا .
ثم ما هي خيارات ردهما السياسية والعسكرية ؟؟
سياسياً لن يخسر الأنصار شيء جديد فهي خربانة خربانة فإذا لم تنفعهم فلن تضرهم ، وأقصى ما يمكن عمله هو إعادة تصنيف (الحوثيين) كمنظمة إرهابية ، وبالفعل قد بدأت إجراءات هذا العقاب في أروقة الكونغرس ، وهذا ايضاً سوف يُخرج أمريكا نهائياً من اللعبة السياسية في اليمن ويلقي بظلاله على جهود السلام الإقليمية والأممية ويعطلها ناهيك عن تأثيره المباشر على عمل المنظمات الإنسانية .
أما عسكرياً فماذا سيضربون في مناطق نفوذ الأنصار ؟؟ ما هو بنك أهدافهم ؟؟ ببساطة لا شيء ، فقد استنفذت حليفتهم السعودية هذا البنك وفشلت ، باختصار لا يوجد شيء يمكن قصفه لا معسكرات ولا مصالح ولا أي هدف معروف ، لا شيء سوى قصف المدنيين وقتل الأطفال والنساء وتدمير البيوت والبنية التحتية وهذا ايضاً قد قامت به حليفتهم الفاشلة والغارقة الى أذنيها بالمستنقع اليمني ، فهل سيكررون غلطتها ويجنون نفس خيباتها ؟ هذا طبعاً منتهى الحماقة !!

Total
0
Shares
اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Related Posts
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com