العرب وإيران 2/2

الأحقاف نيوز / خاص
كتب / سعادة السفير الأستاذ / عبدالله الحنكي

في هذا السياق وتلك الفترة الزمنية ، تمدد نفوذ العثمانيين الذي رفع يافطة الإسلام ليستعمر كل الشرق العربي ، بينما ظلت عينه وأطماعه تفكر في ابتلاع هضبة الشرق الإسلامي المتمثلة في بلاد فارس. ربما يثير تعبير هضبة هنا معاني استراتيجية في التخطيط والتموضع ، غير أن آساس الطمع العثماني يكمن في ما تكتنزه بلاد فارس من خزائن غنية من ميراث المشغولات اليدوية المتقنة ، من التحف رالسحاد والحرير والديباج واللوحات الجدارية الشهيرة المنسوجة من الحرير وكذا والخزف المطعم بالزجاج المعشق وغير ذلك من المجوهرات ومصوغات اللؤلؤ والألماس التي تعج بها فصور الأباطرة والنبلاء و التجار في طهران وشيراز ومشهد واصفهان ونيسابور .
وقد رأى مسلموا فارس كيف نهب العثمانيون كنوز بغداد وحلب ودمشق وطرابلس والقاهرة وصنعاء ومدن بلاد المغرب ، بما في ذلك المخطوطات والتحف والثريات وسيوف الصحابة ودروعهم وملابسهم والمصاحف التاريخية ، كلها نقلت إلى الٱسيتانة في العقود الأولى من احتلالهم وباسم الدين والقرٱن والشربعة.
على أن الحساسية والتنافر بين الفرس والترك ، تتجاوز ماذكر أعلاه لتجد امتدادها في التاريخ الأسبق من العهد الإسلامي .
فمنذ بدايات عهد الخلافة العباسبة الزاهرة ، كان معظم الخلفاء يسندون المهن الادارية العليا والدواوين والمكتبات وخط الكتب والترجمة ، فكان الفرس ذوو التمدن والحضارة يحظون يتصبب وافر في هده المضامير ، بينما يسدون مهمات الدرك والشرطة والحجابة والجندرمة إلى الترك الذين تغلب عليهم طبائع البداوة وجلافتها وأميتها ، ثم أضاف هؤلاء لأنفسهم مهمة استجلاب الجواري الملاح للتقرب للخلفاء .

وإذا كانت تلك الحيثيات تقع في أساس العلاقة بين الفرس والترك في العصر الإسلامي ، فقد امتدت بآترها خلال نهوض ومسيطرة الخلافة العثمانية التي رفضها الفرس بقوة واستماتوا في الدفاع عن بلدهم حتى اضطرهم ذلك للعودة إلى تراثهم في العقيدة الشيعية ، حيث تبناها العهد الصفوي وأعلنها عقيدة رسمية لبلاد فارس ، ردا على المزاعم العثمانية بأنهم حماة الإسلام بعقيدة السنة والجماعة . وبذلك ضمن أعلى مستوى في تماسك الجبهة الداخلية صونا لها من النفوذ العثماني المتبجح .
هذا من التاريخ ووقائعه وظلاله التي لا زالت تمتد حتى اليوم في علاقات الطرفين . أما معطيات العصر الراهن فمعروفة لكل العرب متذ انتصار الثورة الإسلامية في إيران واقترابها من القضايا العربية وأولها القضية الفلسطينية الكبرى ومكانتها في الصراع العالمي برمته .!

Total
0
Shares
اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Related Posts
المزيد..

كلاب !

الأحقاف نيوز / خاص كتب / احمد فرقز الكلاب ضلت حياتها واستولت على مساحات الجبال التي نكف عنها…
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com