الأحقاف نيوز / خاص
كتب المحامي / سامي جواس
الطوفان والتطبيع ما هو الرابط بينهما ؟
يتشدق البعض بهذا السؤال الوقح : لماذا قامت المقاومة بعملية طوفان الأقصى ؟ المتابع للقضية الفلسطينية وخصوصاً بعد ما يسمى ب (الربيع العربي) والذي أسفر عن تدمير الدول العربية وتحديداً المقاومة منها ضد مشروع الكيان الصهيوني في فلسطين وهي سوريا والعراق وليبيا واليمن والسودان وتونس ولبنان ومصر.
فبعد حرب 2006 ضد حزب الله والذي أفشل صموده قيام شرق أوسط جديد كما بشرت به كونداليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية حينها ، والذي يهدف في جوهرة الى القضاء على روح المقاومة في المنطقة ليخلوا لهم الجو بعدها لتصفية القضية الفلسطينية من دون أن يقاومهم أحد ، ولكن انتصار المقاومة وفي طليعتها حزب الله اللبناني قد أفشل هذا المخطط ولكنه لم ينهيه حتى حل عام 2011 وقيام موجة من (الثورات) والفوضى الخلاقة كما يدعونها في ما سمي لاحقاً بالربيع العربي وهو ربيع عبري في الأصل ، وعندها تم تدمير الدول العربية وخاصة التي تم ذكرها اعلاه وبعد عشرة اعوام من (عشرية الدم العربي) أعتقدت أمريكا واعوانها إن الوقت قد حان وباتت الظروف مناسبة لقيام شرق أوسط جديد تُصفى فيه القضية الفلسطينية نهائياً ولكن باسم جديد وهو (اتفاقية ابراهام) حيث صرح ترامب إن دول الخليج سوف توقع عليها وتطبّع مع الكيان الإسرائيلي ، وبعدها ولأول مرة وبكل جرأة يقوم الرئيس الأمريكي السابق (دونالد ترمب) بإعلان (القدس)عاصمة لإسرائيل مما يعني أن القدس قد أصبحت يهودية خالصة وليست حتى مدينة أو عاصمة مشتركة مع الفلسطينيين ، وهذا انقلاب سافر على القرارات الدولية واتفاقيات السلام مع الفلسطينيين واتفاقيات السلام السابقة مع العرب ، ففلسطين والقدس من حق الكيان الإسرائيلي دون سواه ، وهذا الاعلان كان مقدمة واضحة لإنهاء القضية.
لقد تم الاتفاق مع دول الخليج على هذه المخططات والتطبيع المباشر بين دولها والكيان الغاصب ولكن تأخرت السعودية لأن توقيعها سيكون بمثابة التوقيع النهائي أي لتسليم الكأس للصهاينة ، وهي كل فلسطين ، وعلاوة على دول الخليج تم التطبيع مع السودان وتم التنسيق للتطبيع مع ليبيا وتجلى ذلك في المقابلة المعلنة لوزيرة خارجيتها مع وزير خارجية الكيان للإعداد للتطبيع لكن مظاهرات الشعب الليبي الرافضة قد أخرت الاعلان عن ذلك وليس الغائه ، وكذلك الحال مع المغرب الذي طبع حتى في الجانب العسكري ، وحتى جنوب اليمن قد أعلن قائد احد تياراتها وهو أحد نواب رئيس مجلس القيادة (الزبيدي) من أنه مع التطبيع وسوف يطبع مع الكيان .
إذا ماهي الدول العربية المتبقية والمعارضة للتطبيع ؟ لم يبق سوى العراق والتي انهكتها الحروب والاحتلال الامريكي الذي يعمل على منع العراق من قيام دولة مستقله ، وهناك سوريا وهي كذلك تم تدمير جيشها وعتاده العسكري ناهيك عن تدمير بنية الدولة التحتية حتى لا تستطيع المقاومة ، وهناك لبنان والذي تم اغراقه بالخلافات والديون والأزمات الاقتصادية الطاحنة ، بينما كانت تُغدق المساعدات بكل انواعها للتيارات اللبنانية المعادية لحزب الله من أجل التضيق على الحزب ومنعه من القيام بأي عمل لمسانده فلسطين كما هو الحاصل الآن ، ولم يتبق سوى الجزائر وتونس وانصار الله في صنعاء والغارقون الى آذانهم في الحروب والحصار والأزمات السياسية الداخلية .
وهنا وفي هذه النقطة الفارقة أعتقد المطبعون العرب وراعيهم الأمريكي والغربي الأطلسي من إن الوقت قد حان وان تطبيع السعودية وهو الأخير سوف يحسم هذه المسألة نهائياً ، وأن إعطاء السعودية صفقة الطريق التجاري من الهند عبر الامارات وفلسطين حتى أوربا لتكون هدية للسعودية عند التوقيع على التطبيع وقد تم ترتيب هذا التطبيع ولم يكن يفصل الصهاينة للفوز بالكأس النهائية سوى أسابيع او أشهر قليلة .
وبعد ذلك سيكون الوقت قد حان والوضع مناسب تماماً لإقتحام غزة بالقوة واحتلالها والقضاء على جميع الفصائل المقاومة وعندها يقولون : الآن ما عاد يوجد شيء أسمه القضية الفلسطينية ، وان كل فلسطين مع القدس هي من حق الكيان وجميع الدول المطبعة قد وافقت على لذلك وأعترفت بالأمر الواقع سلفاً وان بقيت أي دول أخرى مقاومة هي في الأساس ضعيفة ولا تستطيع احداث أي فرق ..
لكن ما حصل إن المقاومة علمت بهذا المخطط واستبقت اجتياح غزة باجتياح غلاف غزة وتدمير قوات العدو في 7 أكتوبر الجاري ، وهذا هو طوفان الاقصى الذي لم يتوقع حدوثه أحد وأن يحصل وبهذه السهولة وانه يمكن الاستيلاء على مساحه أكبر من مساحة غزة خلال ساعة واحدة !
واعتقد إن المقاومة لو تعلم إن العدو بهذا الضعف لواصلوا التوغل إلى عمق أكبر داخل الأراضي المحتلة وكان ممكن الالتحام بالضفة وصولاً الى القدس .
وان (طوفان الاقصى)عطل وافشل اتفاقية ابراهام والتطبيع بل أبرز القضية من جديد من حيث التضامن العالمي ومن حيث القوه العسكرية لمحور المقاومة الذي يحمي فلسطين والمقاومة الفلسطينية ، ولو إن غزه لوحدها لكان دخل جيش الكيان غزة ومسحها من ثاني يوم ولكن الكيان حسب ألف حساب إن محور المقاومة سوف يدخل المعركة وان بقاء نصف جيش الكيان على حدود لبنان دليل قاطع على إن الكيان يخاف ويتوقع ان حزب الله قد يدخل شمال فلسطين (الجليل) لهذا فإن الكيان لم يستطيع سحب جيشه من الشمال إلى الجنوب للمساعدة في اقتحام غزه ،وهنا تم تعطيل نصف جيشه وهو ليس بقادر على التحرك والدخول لغزة ونصف جيشه معطل ، وكذلك توقعه دخول حزب الله الحرب يعني المطلوب بقاء جميع جيشه لمواجهة حزب الله ، علاوة على أنه إذا ما دخلت سوريا الحرب فأن جبهة الشمال تتطلب كل جيش الكيان في الشمال وليس نصفه ، بل ومطلوب تعزيز الكيان بجيوش امريكا وبريطانيا وفرنسا التي ارسلت فعلا قواتها إلى قبالة السواحل اللبنانية .
ان مرد عدم الدخول البري لغزة حتى الآن هو الخوف من الشمال فلا يمكن إن يقوم الكيان بالدخول لغزة من أجل القضاء على جزء من المقاومة ويترك شمال فلسطين لحزب الله ، والدخول إلى الجليل يعني الاستيلاء على نصف فلسطين ، وهنا الإختيار الصعب بين غزة والجليل والجولان.