الأحقاف نيوز / خاص
كتب الأستاذ السفير / عبدالله الحنكي
العرب وإيران ، أمتان جارتان تاريخا وجغرافيا . وليس ثمة من وشائج قربى ثقافية وحضارية تربط بين أمتين جارتين قدر ما هي بين العرب وإيران ( فارس قديما) سواء منذ العصور القديمة أو كما تعززت أكثر فأكثر بعد فجر الإسلام وكان من أبرز ثمرات ذلك التعزيز ، ظهور ما عرف في تأريخ البشرية بالحضارة العربية الإسلامية وشواهدها قائمة حتى اليوم في الفكر والثقافة والفن والعلوم والمعمار .
عندما استعمر البريطانيون الهند ، فوجئوا بمدى التعايش والتٱخي بين الهندوس والمسلمين فيها . وحين تعمقوا في دراسة حضارات ممالك المغول الإسلامية التي سادت بلاد الهند قرونا طويلة بحكمة لا تخفى ، ورأوا ٱثارها الجميلة البارزة التي لا تخطئها عين الوافد الغريب ، وأنها كانت في جوهرها مزيجا محكما من الثقافات العربية والفارسية ، أدرك مستعمروها بناءا عليه قيمة وخطورة هذا المزيج ليس على استعمارهم للهند فقط ، بل وعلى تطلعاتهم الإستعمارية في كل أرجاء الشرق والشرق العربي خاصة .
هنالك أوكلوا لمستشرقيهم مهمة القيام بما يلزم من أدوات خبيثة وأولها دس سموم الفرقة بين جناحي الهند الهندوسي والإسلامي . على أن الأخطر من ذلك هو ما توصل إليه علماء الإستشراق الإستعماري من أن الخطر الأكبر على نفوذهم الإستعماري ، إنما هو ذلك الذي يكمن في وشائج القربى وروابطها الكامنة في جذور الحضارة العربية الإسلامية ، والتي تجد اساسها المتين في روافد خصيبة من تراث الصلة بين العرب وفارس . هنالك خطط الإستعمار من خلال استغلال علم الإستشراق لخطة زرع مسامير الفرقة والخلاف بين العرب والفرس ، وآولها إقامة حاجز كثيف بين الأمتين يمنع تواصلهما ثقافيا وإنسانيا ، فشهدت مرحلة الاستعمار في القرون الخمسة الماضية جفوة كبيرة بين الجانبين ، ولم يعد القارئ العربي يقرأ ما تنتجه فارس ولا القارئ الفارسي يطلع على ما ينتجه العرب . بل وبلغت الجفوة والجفاء حدا مس بالفرقة روابط الدين الواحد .!
يتبع