الفرصة الأخيرة للنزول من على الشجرة

الأحقاف نيوز / خاص
كتب / عدنان باوزير

حسناً يمكنك الآن يا سعودي النزول من على الشجرة ، لقد وفّر لك أعدائك النبلاء وعلى مضض وفي أقصى وآخر درجات ومراحل الصبر والحلم والحكمة اليمانية هذه الفرصة الأخيرة فلا تضيّعها لأنها لن تتكرر .
أدرس خياراتك كلها بواقعية ومنطق ووفق آخر معطيات الميدان ومخرجات الطاولات طوال مدة الهدنة الطويلة الأخيرة ، بعيداً عن أوهام الهيمنة واستعراضات الغطرسة . أصنع سلّم نزولك بنفسك فهذه ليست مشكلتهم ، أو أستخدم رقاب أدواتك ومرتزقتك الذين صنعتهم في اليمن فهذه ربما تكون آخر خدمة مفيدة يقدمونها لك طوال 8 سنوات لم يبيعونك خلالها سوى الأوهام .
لم يأت الأنصار الى حاضرتك نزولاً على رغبة الوساطة العمانية الكريمة واستشعاراً لهموم ومعاناة شعبهم الذي أنهكته الحرب وطحنته الأزمات ، لم يأتوا لمناقشة تفاصيل وترهات سبق أن أشبعتها طاولات الحوار ووسائل الإعلام استهلاكاً ولاكتها الألسنة ، بل جاءوا توفيراً للوقت والجهد وللمعاناة التي ما عادت تحتمل التسويف والتأجيل والمماطلة ، لوضع اللمسات الأخيرة على أتفاق السلام النهائي مع السعودية كطرف أول مسئول عن العدوان الذي خلق كل هذه الفوضى الرهيبة ، ولا بأس من تجزئة الملفات العسكرية والسياسية أما الملفات الإنسانية فلا تحتمل أي تأجيل .
ذهب الوفد اليمني الوطني الى الرياض مفوض ممتلكاً كامل الرغبة والإرادة لصناعة السلام ، السلام الحقيقي ، سلام الشجعان ، ذهبوا للحسم لا لمجرد الوعود الفارغة والتي يتم التنصل منها قبل أن يجف حبر كتابتها كالعادة .
فلا تفاصيل ولا شراك خبيثة بل شراكة حقيقية لصنع السلام المرجو لما فيه صالح البلدين والسعودية هنا ورغم كل جراح اليمن هي أحوّج اليه أكثر من اليمن المكلوم نفسه .
جاءوا للجلوس والتفاوض مع صناع القرار أنفسهم أو أشخاص على مستوى عالي ويمتلكون القدرة على البت والحسم لا مجرد ضباط صغار من اللجنة السعودية الخاصة كما هي العادة مع حكومة الفنادق العميلة ومرتزقة الداخل ولا تفاوض مع الأذيال . وسوف يفرضون احترامهم وبطريقتهم وقد فعلوا ، كما حدث أمس عندما قاموا بتأجيل جلسة تفاوض لانشغالهم بمتابعة كلمة السيد الحو ثي بمناسبة تدشين موسم احتفالات ذكرى المولد النبوي الشريف لهذا العام ، ولم يكن أمام المضيف السعودي سوى الرضوخ والتأجيل ، هذا المضيف الذي تعوّد أن يجلب مرتزقة (الشرعية) وغيرهم من فصائل المرتزقة كيفما شاء ومتى شاء وبأي وقت كان كالنعاج الى صالات الاجتماعات .
لا شك أن السعودي يدرك أنه أمام طرف وطني محترم وملتزم بقضيته وصعب الإلهاء ، هذا أمر بات يدركه السعودي ويظهر بجلاء حتى في كتابات المقربين منه وذبابه الالكتروني على السوشال ميديا ، ولكن عليه أن يترجم ذلك الى اتفاقات نهائية ملموسة على الواقع وأن يُلزم مرتزقته بلك وهذا أمر هيّن للغاية عليه لو أراد بالفعل السلام كما تتشدق أبواق إعلامه المأجورة ، ولا ضير من أحداثه بعض الفرقعات الإعلامية والتي تعكس ثقافة السعودية المعروفة في السيطرة وصناعة الانتصارات الوهمية , وتسويق ذلك لشعبه في الداخل وعلى مستوى الإقليم والعالم ، لا ضير من ذلك فهذا لا يعكس الصورة الحقيقية ولا يقلب الواقع كما بات يعرف الجميع ، وما يهمنا هو السلام وأن يخرج اليمن من هذه الزوبعة سليماً معافاً موحدا مكتمل السيادة .
على السعودي أن يُدرك أنها الفرصة الأخيرة للجميع هذه المرة وعليه أن يتحلى بالشجاعة والحكمة لمصلحته هو قبل غيره وكفى ثمان سنوات من العدوان والقتل والخراب والتدمير والعبث ، فماذا جني منها ؟؟ لا شيء سوى الغرق أكثر في المستنقع اليمني ولا فكاك .
وعليه أخيراً أن يدرك أن الرجال الذين يفاوضونه هم مجرد وجه واحد للمشهد اليمني ، وجه دبلوماسي وسياسي وناعم ، وقد أرادوا أن يقيموا الحجة عليه وعلى الوسيط والإقليم والداخل والخارج حتى لا يُقال أن الأنصار لا يريدون السلام ، وأن الوجه الآخر للمشهد هو ما ستظهره احتفالات وعروض ذكرى ثورة (21 سبتمبر) الفتية في صنعاء خلال الأيام القادمة .
ان اليد التي تمتد اليه في عقر داره في الرياض بغصن الزيتون ترفدها يد أخرى قوية وجاهزة لتبطش بالمعتدين بما تمتلكه من مقدرات وأسلحة ذاتية وهي في تطور وتزايد ملحوظ كماً وكيفا والسعودي يدرك هذا ، وليس لدى صنعاء ما تخسره أكثر مما خسرته ، على العكس فلقد أضرت الهدن المتواصلة بها وأرهقتها الوعود وأثقلتها ضغوط جمهورها وشعبها بالحسم أما بالتفاوض او بالميدان إذا تمادى العدو باللعب وتضييع الوقت والمراهنة على أوهام أثبتت تجربة 8 سنة انها بمثابة عشم إبليس في الجنة .
أن خطط وبرامج بن سلمان وشطحاته في (نيوم) وغير نيوم واستعراضاته الجوفاء في قمة العشرين وووفده على هامش (البريكس) وغيرهما ، إن تسويقه لصورة مملكة الرمال وتلميعها على كل الأصعدة كل ذلك مرهون بخروجه سالم من المستنقع اليمني ، بينما لن تفرق كثير مع بلد مدمر وغارق في الأزمات والكوارث كاليمن إذا عادت واشتعلت الجبهات ، وعليه هو أن يختار .
وأخيراً ندرك أن الوضع شائك وأكثر تعقيداً مما يعتقد أكثر المراقبون وأن المأزق كبير ولكن هذه مشكلة السعودية وعليها تنظيف الساحة من عبثها وطيشها طوال السنوات الماضية بنفسها ومع شركائها الأعداء .
وبين هذا وذاك يتوزع الأمل والتشاؤم بالمناصفة ولكن الإرادة السياسية إذا وجدت كفيلة بصنع المستحيل !!

Total
0
Shares
اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Related Posts
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com