أربع بأربع

الأحقاف نيوز / خاص
كتب / عدنان باوزير

أجسام البغال وأحلام العصافير ، عندما ينخفض سقف أحلام الإنسان ليصل بالكاد الى نصفه التحتاني ، يتحول الإنسان من إنسان الى مجرد حيوان يأكل ليعيش ويتكاثر بحسب الغريزة فحسب – وبالكاد يأكل في حالتنا في المناطق الساقطة تحت أقدام تتار العصر ، وغير مهم الثمن الذي يدفعه نظير هذه اللقمة المغمسة العرق والذل والمهانة .
لقد انحصرت نقاشات (النخبة) في المناطق المحتلة ، في مجالسنا ومجموعتنا على الواتس أب وبقية مواقع السوشال ميديا الأخرى ، لتدور فقط حول عدد ساعات وجود الكهرباء مقابل عدد ساعات انقطاعها والتي استقرت على معادل : أربع ساعات كهرباء مقابل أربع ساعات انقطاع ، لقد تكيفنا مع هذه المعادلة وصرنا نتعايش معها وكأنها معادلة علمية لا تقبل النقاش .
العملة تنهار ، الاقتصاد يتحطم ، المارينز المدجج بالأسلحة يتجول بسلام في شوارعنا الآمنة ، الناس تموت جوع ، الخدمات معدومة ، التجريف الثقافي يلتهم ما تبقى من قيمنا ومن هويتنا ، الأمن منفلت ، الفساد مستشري ومعلن ، المحتل يتبجح ، السيادة ضائعة ، الثروات تُسرق ، الآثار تُنبش وتهرب والتاريخ يُطمس والجغرافيا تُقضم ، (الشبو) منتشر ويفتك بشريحة الشباب ، الوطن يتشظى ، دمى ومرتزقة الاحتلال يتفاخرون بعمالتهم وقد ملكوهم رقاب العباد وهم لا يسوون شسع نعل ، والآن حتى مرتباتنا وثمن عمالتنا في المناطق المحتلة والتي كنا نتميّز بها عن أقراننا في المناطق الصامدة تحوّل من البريد الى البنوك وتُقطع ، و .. و .. الخ . كل هذه أصبحت مجرد تفاصيل تافهة لا تعنينا ، ومجرد طرحها يعد ضرباً من ضروب المزايدة والاستعراض ، ويرد عليه الطارف بأن هذه أمور أكبر من حجمنا ولا جدوى من مناقشتنا ، خلونا أحسن في نقاش ساعات الكهرباء .
وكلما زادت نصف ساعة (لصي) أو طفي انفجرت النقاشات من جديد ما بين مطبل ومتذمر ، ما بين متباك على العجل الدمية الأسبق والذي كنا في عصره نحظى بست ساعات كهرباء مقابل أربع طفي ، وتعود نغمة سلام الله على علان والله يلعن فلتان وكلاهما مسامرين صدئين لعينيين يدوران في دولاب الاحتلال لا حول لهما ولا قوة ، وينبري مقارن غبي آخر ليقارن بين وضعنا الكهربائي مع وضع المكلا والتي صار الآن برنامج الكهرباء فيها ساعتان بساعتين ويضع هذا في خانة إنجازات المحافظ الطبل وكأنه قد (جاب الذيب من ذيله) .
نعم هكذا صرنا مغيبين منبطحين مسلوبي الإرادة تغشانا الذلة والصغار وكأن هؤلاء اللصوص يتكرمون عليه بشيء ، وفي آخر الشهر تصلك فاتورة الكهرباء ب عشرة ألف ريال مقابل هذا القطع فتهرع الدجاج الى البريد ويسددون فواتيرهم الوهمية وهم ساكتين وكل واحد ينتظر من الآخر أن يتكلم ، وعندما يضيق الحال بأحدهم ويبدأ بالكلام على خفيف ينفضون من حوله ويتهمونه بالتهور واللقافة .
وعندما ينفجر أحدهم بالنقد وهو مرعوب وكأنه يفتري على سلطة المرتزقة فأنه يعكس الأمر كلها رأساً على عقب ، ولا يطال نقده غير صغار دمى المرتزقة ولا يقترب من قريب ولا من بعيد للاحتلال ومرتزقته أساس كل البلاء بشق كلمة ، بل يحمل كل ويلاتنا وفي مجافاة صريحة للمنطق والعقل ، يحملها (الحو ثي) !!
وفي ظل فقداننا المخيف لأحترامنا لأنفسنا عند عقد أي مقارنات بين وضعنا ووضع المحافظات الصامدة التي تقارع الغزاة وتذود عن حياض الوطن وتحمل هم كرامتنا وسيادتنا ، وكيف نجحت سلطة صنعاء (نسبياً) وفي ظل الحرب والدمار والحصار وانعدام الموارد أن تقدم نموذج يعد في قمة الإشراق مقارنة بوضعنا والذي تتوفر فيه كثير من الموارد ومقومات النجاح ، عند عقد هكذا مقارنات محرجة يصبح لزاماً علينا أن نبرر ذلك لنرضي ضمائرنا الميتة ، فقد اخترعنا صيغة بلهاء ترضي غرورنا وهي أتهام أمريكا والغرب وحتى دولتي العدوان المبطحين لها ، أنهم هم من يدعمون الحوثي ويقوونه سراً وهذا ما يفسر نجاحه وأفضلية أحواله عن أحوالنا ، وهذه الشماعة هي آخر درجة من درجات انحطاطنا العقلي والمنطقي والوطني وحتى الإنساني !!
وأخيراً هل من متفضل يتكرم علينا ويواري سؤاتنا الثرى , فقد متنا وشبعنا موت ورائحة عفنا صارت تزكم الأنوف

Total
0
Shares
اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Related Posts
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com