الأحقاف نيوز / خاص
كتب / عدنان باوزير
رضي الله عن الأنصار من جعلوا السفارة الامريكية بأقسامها الكثيرة وتخصصاتها المختلفة تنحشر كلها بين دفتي طائرة صغيرة جواله ، ولى زمن كان الكابوي الأمريكي يقبع في (روديو) سعوان الكبير يأمر وينهي وتأتيه الثيران الطامحة والطامعة صبحاً وعشية فيركبها ويروّض ما يريد ويصرف ما لا يريد ، وتأتيه التقارير عن كل صغيرة وكبيرة تحصل في البلد , ويصدر الأوامر أفعلوا كذا ولا تفعلوا كذا .
انقضى الى غير رجعة زمن كان الأمن المركزي وبقية أجهزة الدولة الأمنية تُستنفر كلها ، ويُغلق نصف حي الشيراتون بالعاصمة صنعاء حتى ينعم السيد الأمريكي بالسلام والأمن والأمان ولا تكدر صفو راحته أي شائبة ولو كانت صوت بوق سائق مستهتر .
ولى زمن عربدة (إدموند هول) الذي كان يتدخل في أدق التفاصيل الداخلية الحساسة كتصريحه المثير للجدل عقب زيارته ودائماً لحضرموت : أن حضرموت تملك مقدرات دولة مستقلة – وقد راقني كحضرمي هذا التصريح على كل وقاحته حتى يعرف صناع القرار في صنعاء ان حضرموت ليست إقطاعية ورثوها عن آبائهم بل هي رقم صعب ومحوري في اليمن وعليهم أن يتعاطون معها على هذا الأساس – ، كما أصبحت جزء من التاريخ هنجمة (باربارا بودين) وجحافل جيشها الأمني الخاص التي غالباً ما كانت تغلق شوارع صنعاء كلما قررت أن تحتسي فنجان قهوة في مكان ما – بالمناسبة والعهدة على دبلوماسية ألمانية كانت تشتغل معنا في المتحف الوطني بصنعاء ضمن مشروع خاص ، عندما جاءت مرة بصحبة السفيرة (بودين) لزيارة المتحف أن السفيرة (بربارا بودين) تحتل الدرجة الثالثة او الرابعة على قائمة مسئولي الإدارة الامريكية قاطبة من حيث الحراسات المرافقة – .
لعل السفير الأمريكي الزائر لسيئون وهي الزيارة الأولى لسفير أمريكي منذ عشر سنوات – وفق البيان الصحفي – لهذه المدينة الصغيرة ، أما لعاصمة المحافظة (المكلا) فما زال أثر بيادات مرافقيه من المارينز باق على ترابنا الطاهر لم يندرس بعد ، وكذلك زيارات هذا السفير الذي جعله (الأنصار) سفير رحال ، الى كل من عدن ومارب وبقية المناطق المحتلة ، لعل أطلع على التقارير عن الأوضاع المزرية التي تعيشها هذه المنطقة من جراء عدوانهم الغاشم على اليمن ، ولا تحتاج المسألة حتى الى تقارير ، لعل رأى بأم عينه طوابير (الديزل) على محطات المدينة في طريقه من المطار الى مقر اقامته ، هذه المدينة التي لا تقع على مرمى حجر من نابع النفط في الهضبة المطلة ، والتي جاء الامريكان كما يتشدقون بوقاحة لحمايتها من أهلها ، ولعله أطل من شرفة غرفته من فندقه في المساء ليرى الظلام وهو يلف أحياء هذه المدينة المنكوبة بحكم وفساد أدواته المرتزقة .
لعله رأى كل ذلك ولكن من يهتم لمعاناة الشعب اليمني ، ولمعالجة هذه المعاناة قدم راعي البقر في اليوم التالي خلال اجتماعه بالسلطة المحلية المنصبة (سعودياً) هديته الكبرى لأهل حضرموت ، فقد أعلن عن تقديم حكومة الولايات المتحدة هدية عبارة عن عدد من الدورات العسكرية في أمريكا لبعض ضباط الجيش العميل الموالي لهم !!
جاء محافظ حضرموت الدمية (شكلاً ومضموناً) مهرولا من المكلا ومتجشماً رحلة طولها 350 كيلومتر ليقدم فروض الولاء والطاعة للسفير الذي لا يعلم من أين جاء ولماذا جاء وماذا يريد ، كل تلك تفاصيل لا تهم ، المهم أن يتصور جنب السيد الأمريكي الزائر .
قام السفير في اليوم الأول وفي مبادرة (إنسانية) مبتذلة جداً ومفضوحة برفقة قوات المارينز المصاحبة بزيارات لبعض ثانويات البنين والبنات في وادي حضرموت ، ومن دون أي سابق أشعار ومن دون أي مرافقة لأي مسئول من مسئولي السلطة المحلية أو حتى علمها – ولماذا عساه يحتاج الى ذلك ؟- حيث روعت عنتريات المارينز المدججين بالأسلحة طلبة وطالبات هذه المدارس .
وفي اليوم الثاني أجتمع (اليانكي) مع المحافظ ومسئولي السلطة المحلية المرتزقة وعدد من الرموز القبلية المنبطحة والتي لم يبق لها من (القبيّلة) سوى الاسم فقط ، كان السيد الأمريكي المستميت في إظهار قوة النفوذ الأمريكي المتراجع يخاطبهم وهم أمامه كالتلاميذ ، وهو يعرف عز المعرفة أن هامة أطول واحد منهم لا تتجاوز ارتفاع بيادة أصغر مرافقيه ، كما يعلم جيداً ان هذه الابتسامات الصفراء والتهافت المثير للسخرية وللرثاء معاً لا يمثل أرادة الشعب اليمني الصامد الرافض له ولدولته ومارينزه ، فتهديدات صنعاء لقواته البحرية المتواجدة في البحر الأحمر وخليج عدن وبحر العرب ما زال يتردد صداها في أذنه ، وقد أخذتها حكومته على محمل الجد بدليل أن الخارجية الامريكية ردت عليها واعتبرتها (تهديدات غير مقبولة) ، وقد جددتها صنعاء مرة أخرى وأعادتها على مسامعه وهو في حضرموت !!
شكراً للأنصار الذين حولوه الى سفير رحّال مكتبه في طائرته ، وحجموا نفوذه بلاده في اليمن ، شكراً لصنعاء الصمود رمز عزتنا ، والعار كل العار لمرتزقة العدوان الرخاص وعملاءه الصغار في حضرموت وباقي محافظاتنا المحتلة ..