بعد ٧ سنوات من الفشل والفساد لمركزي عدن .. عودة وظائف البنك إلى صنعاء كضرورة لإنهاء الانقسام

الأحقاف نيوز / متابعات

واقع اقتصادي مأساوي خلفته حرب الثمان السنوات التي قادتها السعودية في اليمن على رأس تحالف شكلته تحت لافتة دعم الشرعية، حيث لم تكن التأثيرات التي نتجت عن هذه الحرب في شقها الاقتصادي أقل كارثية من تأثيراتها على المستوى العسكري، أن لم تكن أشد من حيث انعكاسها على حياة أكثر من ٣٠ مليون يمني يمثلون- بحسب التقديرات- قوام سكان البلاد.

ومع اتجاه اليمن نحو التسوية وإنهاء الحرب، وما يقتضيه ذلك من معالجات تبرز مسألة إنهاء الانقسام المالي والمصرفي الذي تسبب به قرار السلطة الموالية للتحالف نقل وظائف وعمليات البنك المركزي اليمني من مركزه الرئيسي في العاصمة صنعاء إلى عدن في سبتمبر من العام ٢٠١٦ كمسألة ضرورية، لوقف التأثيرات الكارثية التي تسبب بها هذا الانقسام، والحد من خسائر القطاع المصرفي الذي يعد من اهم القطاعات الاقتصادية، وإعادة جزء من القيمة التي فقدتها العملة المحلية جراء ذلك.

وتبدو المقارنة في التهاوي الذي لحق بقيمة العملة بين النظامين الماليين والمصرفيين اللذين نتجا عن هذا الانقسام تبدو غير منطقية، حيث تمكنت صنعاء من الحفاظ على قيمة العملة الوطنية في مناطق سيطرتها، وكبح عجلة الانهيار، بعكس الحكومة الموالية للتحالف، بحيث أصبح الفارق في أسعار الصرف بين المنطقتين- حاليا- يزيد عن ١١٠% لصالح صنعاء، ناهيك عن أدنى قاع وصلت إليه العملة في مناطق سيطرة حكومة الرئاسي، أواخر العام ٢٠٢١، حيث وصل سعر صرف الريال اليمني أمام الدولار الأمريكي إلى أكثر من ١٧٠٠ ريال للدولار الواحد.

ومع النجاح والتماسك الكبير الذي حققه البنك المركزي اليمني بصنعاء، كان الفشل والفساد هو من يقود دفة مركزي عدن، رغم الفارق في الامتيازات خلال السنوات السبع، لصالح الأخير، من حيث حجم الإيرادات والدعم الخارجي من منح وقروض وغيرها، والانفتاح على العالم، فيما بنك صنعاء ظل طيلة هذه السنوات محاصرا ومحروما من أي دعم خارجي أو إيرادات نفطية أو غيرها، وهو الأمر الذي يعزز فرص الأخير في استعادة وظائفه والعودة كبنك مركزي للبلاد كلها، في حال تمت التسوية، وهو ما تطرحه بقوة التقارير والدراسات المتخصصة، والتي كان آخرها تقرير تقييمي أعدته مؤسسة مرقبون للإعلام المستقل، ومقرها عدن.

وذكر التقرير أن من ضمن الأسباب التي تصب في خانة عدم بقاء مركزي عدن، وعودة وظائف وعمليات البنك المركزي إلى صنعاء، تعثر كل إدارات محافظيه الخمسة المتعاقبين عليه، في تفعيل أداء بنك مركزي يمني حقيقي، قادر على القيام ولو بأهم مهامه المصرفية أو تفعيل قطاعاته وتبني أي سياسات نقدية أو إعلان حلول ومعالجات مصرفية للحفاظ على قيمة العملة المحلية، وكذا عجزه عن إقناع المجتمع الدولي والأمم المتحدة وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي والمؤسسات والصناديق المالية الدولية والبنوك العالمية والمحلية بالتعامل معه كبنك مركزي فعلي، أو تحقيق أي جدوى اقتصادية من الودائع والمساعدات المالية الخارجية أو إقناع المجتمع الدولي بتحويل المنح والمساعدات الإغاثية الدولية عبره بدلاً من البنك المركزي اليمني بصنعاء.

وتطرق التقرير إلى تعثر مركزي عدن في الإيفاء بالالتزامات الدولية المتعلقة بتأسيس قطاع مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وعجزه حتى اليوم عن إصدار أي ميزانية سنوية مدققة قانونياً، تدعم أي اعتراف دولي به وتعزز أي مصداقية ممكنة لأي تقارير دورية أو بيانات إحصائية صادرة عنه، لدعم وتعزيز ثقة المجتمع الدولي والدول المانحة وغيرها من المؤسسات الدولية المعنية لقبول التعامل معه كبنك مركزي بدلاً عن استمرار التعامل مع مركزي صنعاء حتى اليوم، خاصة بعد تورطه سابقاً بجرائم غسل وتهريب أموال ومضاربات بالعملة، في سابقة صادمة كشفها تقرير لجنة العقوبات الدولية التابعة لمجلس الأمن الدولي.

وأضاف أن من بين تلك الأسباب التي تهدد بقاء مركزي عدن، تعثر كل الإدارات المتعاقبة على البنك المركزي اليمني بعدن، في تنظيم عمل شركات الصرافة ومعاقبة وإغلاق غير المرخصة منها، نتيجة تعثر إنشاء شبكة الربط الإلكتروني مع البنوك وشركات الصرافة حتى اليوم، وكذا عجز البنك عن تسهيل مهمة الرقابة على أدائها والاطلاع على كشوفات حوالاتها المختلفة، لتفعيل أهم دور مفترض لقطاع الرقابة على البنوك في محاربة المضاربات المتواصلة بالعملة المحلية وتتبع جرائم غسل وتهريب الأموال وتجريفها من السوق والبيع بالمكشوف للعملة وغيرها من جرائم السمسرة والتلاعب اليومي بقيمة الصرف.

وفي ضوء الإخفاقات والاختلالات وملفات الفساد التي رافقت مسيرة عمل البنك المركزي بعدن، تغدو عودة وظائف البنك المركزي اليمني بصنعاء- بحسب المختصين- ضرورة وأولوية لإعادة توحيد النظام المالي والمصرفي، وإنهاء الانقسام، على طريق معالجة الآثار الكارثية التي ألحقها قرار النقل بالقطاع المصرفي وامتدت انعكاساتها لتطال اقتصاد البلاد ككل وتلقي بظلالها على الحياة المعيشية لليمنيين في عموم البلاد.

Total
0
Shares
اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Related Posts
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com