قراءة في كتاب ” بلابل التغريد”

الأحقاف نيوز – ثقافة وفن
متابعات

قراءة في كتاب ” بلابل التغريد فيما استفدناه ايام التجريد”
للعلامة مفتي حضرموت السيد عبد الرحمن بن عبيد الله السقاف ( ت 1375)
بقلم الشيخ العلامة المحقق/محمود سعيد ممدوح
————
1- هذا العلامة رحمه الله تعالى كان من كبار علماء عصره ، وكلما أمسكت بكتاب من كتبه أجدني أعيش مع محقق من أهل القرن العاشر في فقهه وأصوله وأدبه ، ومعرفته بالأنساب والبطون ، ومشاركته في علم الكلام مع قوة غريبة في الاستحضار .
وهو يمتلك فلسفة هذه العلوم ، ويبتعد أحيانا عن التقليد فينظر بنفسه ، وتخرج الدرر منه ، ويتصدى لحل المعضلات بطريقة تشعر أنه لا يتكلم عن معضلة أصلا .
ومن كتبه التي أعجبتني جدا *(صوب الركام في عمدة الأحكام)* و *(إدام القوت في علماء حضرموت)* ، و *(بلابل التغريد فيما استفدناه ايام التجريد)* يعني ( التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح) للشرجي الزبيدي .
فالمعتنون بنقد المتون ، والناظرون في أحاديث الصحيح لهم مجال رحب في ” بلابل التغريد ” للتعلم والتأني والاستفادة من معرفة نصوص الشريعة مع التضلع من التاريخ والعربية …
2- و(بلابل التغريد) رتبه مصنفه على الفوائد ، والتي بلغت اثنتين وثلاثين فائدة تناولت إشكلات في ” صحيح البخاري ” أجاب عنها العلامة المفتي السيد عبد الرحمن بن عبيد الله السقاف بطريقة عالم غير مذهبي يمتلك نواصي العلوم والآلات ، ويقف مع كبار أهل العلم مناقشا موافقا ومخالفا .
ولذا فقد انسابت الفوائد وتدفقت من هذا العلامة الكبير .
وهو مجلد من ثلاثة مجلدات .
وأظن أن يد الإهمال أو الحسد قد قضت على المجلدين الآخرين !!!
3- وهو في مناقشاته يجتهد اجتهادا كليا في الأصول ، وفرعيا في الفروع .
وله نظرات ثاقبة في حل إشكلات حول معاني بعض الأحاديث : كبدء الوحي ، ورزية الخميس، ولم أره يذهب إلى التضعيف أو التنقيص كما يفعل بعض السطحين والضعاف ، ولكنه يبحث المعاني ، ويحل الإشكلات بعلم .
وقد أنكر على بعض الكبار ولو كانوا من أكابر الشافعية كالغزالي ، والعسقلاني ، والهيتمي صاحب التحفة وما أدراك ما التحفة في تهامة وحضرموت .
وهو صوفي مطلع على مباحثات ومناقشات مع الشيخ الأكبر وسيدي عبد الوهاب الشعراني .
4- والكتاب فيه تحليلات ، واستحضار لأحوال شخصيات من كبار الصحابة ، وأعجبني كلامه عن الشورى بين الستة ولماذا اقدم عمر عليها ، وله كلام قيم حول مواقف لعمر بن الخطاب وعائشة رضي الله عنهما .
وهو يصرح مرات بأن بعضهم يحرف الكلم عن مواضعه ، ويأول النصوص الظاهرة لتقديس الصحابة فمن دونهم ، ويأتي بما لا يتفق إلا على القول بعصمتهم ( ص 122)
ويحلل إبهام بعضهم لأمير المؤمنين عليه السلام ( ص 241)
ويقول في ( ص 522) : ” فلنكن على علم بأن الصحابة رضوان الله عليهم كسائر الناس في الطباع والرغائب والشهوات إلا أنهم فضلوا بالإيمان الذي وقر في صدورهم ….”
5- … وبعد فقد كان العلامة المفتي السيد عبد الرحمن بن عبيد الله السقاف الباعلوي أحد أربعة من كبار العلماء النجباء العلويين في القرن الفائت ، ونحن نحتاج لدراسات عنهم ، وكفى غمطا لأئمة نجباء أدركوا ما لم يدركه العصبة من الرجال .
و ((ليتوقف السطحي عن الكلام حول المدرسة العلوية الحضرمية إن كان مهملا لهؤلاء الأربعة الكبار وتوجهاتهم ، وكم من ناصح وهو : سطحي ، أو مذهبي أو كذاب أو مدلس)).
والحديث ذو شجون .

Total
0
Shares
اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Related Posts
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com