رباط تريم العلمي والعودة إلى مربع التجديد !!

رباط تريم العلمي والعودة إلى مربع التجديد !!

بقلم/ حسن الكاف

كانت المساجد أبرز مواطن التعليم بمدينة تريم إلى سنة 1304هـ، كذلك الزوايا العلمية الملتصقة غالباً بالمساجد بالإضافة إلى بيوت العلماء التي تعقد فيها الدروس العلمية الخاصة والعامة ، حتى تم افتتاح الرباط في محرم سنة 1305هـ وتحولت إليه أنظار طلاب العلم في حضرموت والمهجر خصوصاً شرق آسيا حيث أجريت الأوقاف الجزيلة لتمويل النشاط العلمي للرباط ورعاية الطلاب الوافدين ، إذ أنه من بواعث تأسيس الرباط المواكبة لمتطلبات ذلك العصر المتمثلة بارتفاع وتيرة الهجرة وإرسال أولئك المهاجرين أبنائهم إلى حضرموت لتعلم اللغة العربية والعلوم الشرعية واكتساب الهوية الحضرمية ، وكانت تريم هي المقصد الأول لما لها من مكانة روحية في وعي الحضرمي المتصوف أو المنحدر من أصول علوية ، هذه المكانة الروحية للمدينة شكلت العامل الأبرز لنجاح المتخرجين من الرباط التريمي عند عودتهم إلى بلدانهم أو مستوطناتهم في المهجر الحضرمي.

وكان لابد أن يعد الرباط في تلك الحقبة كنوع من التجديد أو الحداثة بالمفهوم العام – وليس الحداثة بالمعنى الذي يحيل هذا المفهوم إلى الفضاء الفكري والأخلاقي الغربي – وبالتالي اصطدام هذا الصرح التجديدي مع أنصار المدرسة التقليدية الذين تخافتت أصواتهم وأحتل الصرح الجديد مكانته المرموقة والمشار إليها بالبنان.

ان احتلال الرباط لهذه المكانة وتلاشي الأصوات المعارضة هو نتيجة طبيعية للتنافس بين الجمود والمواكبة لمتطلبات الواقع والقفز إلى مربع التجديد في الحقبة الزمنية التي تأسس فيها رباط تريم العلمي، حتى وصفه العلامة المؤرخ عبدالله بن حسن بلفقيه بأنه “المنار الأعلى في بلاد الجنوب العربي، وانتهت إليه أشعة العلوم الإسلامية والعربية التي تنبعث منه إلى افريقيا الشرقية، وإلى أقاصي الملايو وإندونيسيا” ، وكان يدرس فيه نخبة من الشيوخ الجامعين بين منارة العلم الديني وشعلة الأدب والفكر.

أعقب ذلك الحراك العلمي والثقافي تأسيس عدد من الجمعيات والمدراس التي قفزت قفزات أخرى نوعية إلى مربع التجديد كجمعية نشر الفضائل ومدرسة الحق ومدارس الكاف ومدرسة جمعية الأخوة والمعاونة التي تخرج منها ثلة نخبوية زينت جيد القرن الرابع عشر الهجري بعقد من رجال العلم والإصلاح والثقافة وكان من ألمع رواد ذلك التجديد الأستاذ محمد بن هاشم بن طاهر والأستاذ محمد بن أحمد الشاطري والأستاذ محمد بن سالم بن حفيظ والأستاذ سالم بن علوي خرد الذين لم تكف أصوات المعارضة – بما فيها الأصوات التي تصدح من رباط تريم نفسه – عن التنديد بهم وبنشاطاتهم حتى برزت مخرجاتهم النوعية إلى حيز الوجود ووضعت حضرموت على حافة حضارة لولا ما مر به جنوب اليمن من أوضاع سياسية كارثية أدت إلى تهجير تلك العقول النيرة.

وفيما يخص واقع رباط تريم العلمي اليوم فإن الحال انعكس على ما كان عليه ابان تأسيسه فهل يعود إلى مربع التجديد كما كان في الماضي ، وتقفز بنا الصروح العلمية اليوم لتضعنا على حافة حضارة من جديد!!

Total
0
Shares
اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Related Posts
المزيد..

سفير اليمن لدى إيران .. تصريح

الاحقاف نيوز / عاجل صرح سفير الجمهورية اليمنية لدى إيران ابراهيم الديلمي: انه خلال الجلسات السرية الإيرانية السعودية…
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com